الجمعة، 11 يونيو 2010

مــــــــــــــأتم عـــــــــــروس... !





















غرفة مقيتة...مظلمة...
هواء ثقيل...ملوث... معبأ بذرات اليأس و السكون...
و قلب يكاد يختنق مع كل انقباض وانبساط...


قضيت ما يقرب من ثلاث ساعات وأنا أتفحص ملامحي الجامدة في المرآة...
أحاول أن أنفض عن وجهي حزن سنين....
أحاول أن أكتم آهة أنين....
أحاول أن أمحو آثار العبوس...لعلّي أمهد الطريق لابتسامة...
فأخنق عبرة...و أكتم آهة...و أرسم بسمة...
حتى أعد نفسي لبدء العرض....لبدء الاحتفال...
و أتمنى أن أتقن التمثيل...حتى يقتنع الجميع بصدق تلك الابتسامة...
فتعمى أعينهم عن زيف أفراحي ... كما عمت من قبل عن عمق أحزاني...


بعدما انتهيت من تفحص ملامحي في المرآة.. نهضت.... ارتديت
ثوب عرسي الناصع البياض... ثم عدت لمرآتي...مشطت شعري الليلي الطويل...
تجملت بمساحيق أخفي بها شحوب وجهي الممصوص...
وضعت الطرحة... و حملت ورداتي بين يدي....
ثم ألقيت نظرة هادئة طويلة على المرآة...كأني أودعها....أو ربما أودع نفسي...
لملمت أطراف ثوبي...و فتحت باب غرفتي...لأسير في الممشى...
و قد ارتسمت على شفتيّ ابتسامة بلهاء مصطنعة....
و رغم غرابة الموقف... رغم حماقة الموقف... وجدت الجميع سعداء...منبهرين...
مصطفين على الجانبين ويصفقون بكل ما فيهم من قوة...كأنني كنت أمامهم بهلوان
يأتي بحركات غريبة عليهم...حركات تستحق التصفيق...!
لم أكن أعرف...أكانوا سعداء بي...و لأجلي؟؟!
أم سعداء بالثوب الأبيض...وكلمة "عروس"..؟؟!


و فجأة...ظهر في الأفق شخص ما....يرتدي ثياب العرس السوداء...
و يقترب بكل هدوء وثبات...وعلى شفتيه ابتسامة مثل ابتسامتي...بلهاء...
مد لي يده...فمددت يدي...وسرنا معا..في انكسار يرتدي ثوب الزهاء...
كنا كقصيدة غزل..صار معناها رثاء...
ولا أعلم...أكنا نسير بين الناس...أم كانوا هم يسيرون فوقنا..فوق جثثنا الهامدة..؟!
أكانوا يسمعون صراخنا...أم أننا كنا نصرخ بأذن صماء..؟!
أكانوا يضحكون لأجلنا...أم يضحكون علينا...؟!
بداخلهم كل معاني الحقد..ويدّعون الوفاء..!!
لم كل هذه الفرحة؟!....لأجل عرس فاخر..؟!
لأجل حلل وجواهر..؟!
لأن قلبان آخران اجتمعا في التعاسة..واتفقا على الاستسلام..؟!!
هذه هي الحقيقة..لم أكن أريده...ولم يكن يريدني...
فأنا و هو مستقيمان متوازيان..لن يلتقيا مهما سارا معا في نفس الاتجاه...



وجلست على مقعد العروس...أتفحص عرسي..بل أتفحص قدري...
وبين المدعوّين.......
أرى صديقاتي يتهامسن ويتغامزن...معجبين بوسامة زوجي..
حمقى..!! لا يعلمن أن الجسد يهرم...وقوة الشباب غدا تصير وهنا...
و لايتبقى سوى العقل و الروح...والعشق..

وفي ذلك الركن....
أرى أصدقاء أبي يتحدثون كعادتهم بخبث عن ثروة زوجي...
أغبياء..!! لا يدركون أن المال بلا حب لايسوى...
فما المهم في بعض وريقات يدعوها الناس أموال..؟!
المال لايعطينا أهمية...بل نحن من نعطيه أهميته..

و هناك....
أرى بنات عائلتي اللاتي كبرن و فاتهن قطار الزواج كما يلقبهن المجتمع...!
أراهن ينظرن الىّ أنا و زوجي بحسرة و ألم...
مساكين..!! لا يعرفن أن الوحدة قد تصير أفضل بكثير من العيش مع من لا نحبه...

رأيتهم جميعا..رأيت بعين كل واحد من المدعوين نفاق..و حقد..و أمنية..
يمثلون الفرحة لأجلي وهم في أشد الغيرة مني...
و يحقدون علىّ بسبب قدر لا دخل لي فيه...
و يتمنون لو يستبدلوا أقدارهم بأقداري...
لا يعلمون ما في قلبي...و قد لا يصدقوا حتى لو أخبرتهم...
خدعتهم ابتسامتي حتى ظنوا أني حقا سعيدة...
أني حقا عروس...و أن هذا...احتفال..!

و أدركت و أنا أجلس على ذلك الكرسي ما لم أدركه طوال حياتي...
رأيت ما لم أره ...
فأدركت أن هذا الاحتفال ليس بداية حياتي كما يظنون...
وليس نهاية حياتي كما أظن...
هذا الاحتفال هو حياتي ذاتها...
حياة مليئة بالناس...وكلهم يضعون أقنعة...
و لم يتسن لي أن أنزع عن وجوههم تلك الأقنعة الا عندما صرت أعلى منهم..
أجلس على ذلك الكرسي..مواجهة قدري الحتمي..
و أراقب الفوضى التي تعم حياتي..
و في كل عين...في كل جانب...أرى شئ جديد...و أنزع عشرات الأقنعة...
و أقلب الوجه تلو الوجه فلا أجد و لو تعبيرا واحدا صادق...
و لو ابتسامة واحدة من القلب...
احتفال ملئ بالتصنع والتكلف...كحياتي التي ملأتها بأناس يعشقون النفاق...!
و دارت الدائرة عليّ حتى صرت مثلهم...منافقة...
أجلس على ذلك الكرسي...متمسكة بنفس الابتسامة السخيفة المزيفة...
أخشى أن تتفلت من بين شفتيّ فينكشف أمري...
وتنقشع غيوم أفراحي ويظهر حزني...
أخشى أن أفقد الابتسامة فأنهار أمام قدري...
فابتسامتى هي الشئ الوحيد الذي تبقى لي...
فعندما تواجهنا مثل هذه الأمور التي نعجز عن التصدي لها...
عندما نضطر الى تقبل الأوضاع كما هى بحكم أنها واقع لا مفر منه...
عندما نجد أنفسنا في موقف لا نحسد عليه مضطرين لرفع الراية البيضاء...
فلا يسعنا الا أن نبتسم...
نبتسم...ونقول مرحبا للأوضاع الجديدة...للواقع المرير...للقدر...
فهذه بنظري هي فلسفة الاستسلام..
فان كان لابد أن تستسلم..فلا تنس الابتسامة...
فهي في حد ذاتها...انتصار...!!
و ها أنا استسلمت...و ها أنا أبتسم...
و ها قد أدركت أن هذا الاحتفال حقا..حياتي...
و أنا...أنا العروس...!!

قبــــــر..و ثلاث وردات ذابلات ..!

















جلس بجانبها لساعات طويلة..ممسكاً يدها برفق بين كفيه..
في انتظار أن تنطق..
جلس يتأمل جسدها الفتي الذي أصابه الضمور..
و وجهها المنير الذي امتص نوره الشحوب..
جلس طويلاً..ولكن عبثاً..
فهي ممددة منذ أيام بلا حراك..
وعيناها متسعتان محملقتان في الفراغ..
وهــــو... هو ينتظــــــر..


وبينما كان الصمت هو سيد الموقف..وجد أصابعها تتحرك بين كفيه...
نظر اليها..فأومأت برأسها اشارة الى كوب الماء القابع على المنضدة بجانب فراشها الحزين...
فأسرع زوجها الى كوب الماء في لهفة مغمورة بفرح.. و أخذ يسقيها برفق بضع قطرات منه..

ارتشفت القليل..ثم استقرت في فراشها ونظرت اليه نظرة كلها رضا وحنان..
وابتسمت ابتسامة كلها وداعة وحب..
وبحركة لا ارادية..أعادت يدها بين أحضان كفيه لتستمد منهما القوة على الحديث..

ثم شرعت تروي بصوت خــــــافت...

_"كنت صغيرة جداً حينما ماتت..
أذكر ذلك اليوم جيداً و كأنه الأمس..
أذكر كيف قام أبي _لأول مرة_بتلبيسي حذائي الصغير..و كم آلمني حينها...
و أخذني من يدي برفق لأسير بجانبه..
وسرنا معاً في الطريق...
ممسكاً يدي بيد.. وفي اليد الأخرى ثلاث وردات حمراوات نابضات بالحياة...
فقد كانت تعشق الورد..

سرنا حتى وصلنا لمكان واسع كبيـــــر..
يحدوه سور قصير..و في بدايته بوابة حديدية قديمة تصدر صوت أزيز مزعج..
و تملؤه أحجاراً تبدو كمنازل صغيرة منمقة ومرصوصة بشكل طولي..
أخبرني أبي أنها مساكن الموتى..
و لم أكن أعرف حتى ما معنى الموت..!

وحين دخلنا..أجلسني على حجر صغير في زاوية قريبة..
وسار بضع خطوات..حتى استقرت قدميه عن قبرها..
ثم انحنى على ركبتيه..ووضع الثلاث وردات برفق أمامه..
و دون أي مقدمات..طأطأ رأسه و أجهش ببكاء يكاد يكون عويل..
و يهتز كل شطر به من فرط الحزن..
لأول مرة كنت أراه يبكي...

كان هذا اليوم يحمل العديد من المرات الأولى..
للمرة الأولى يلبسني حذائي..
للمرة الأولى أراه يبكي..
للمرة الأولى أنام وحدي..دون حضن أمى..
و للمرة الأولى أتذوق حقاً طعم اليتم..
و أرتشف أول جرعات الحزن..
أو ربما الحزن كله جرعة واحدة..

ومن يومها..صارت تلك الزيارة عادتنا الاسبوعية..
نذهب بثلاث وردات نابضات بالحياة.. ونعود بثلاث ذابلات..
يوم ماتت ذبلت وردة واحدة...لكن أبــــي اختار جعلهن ثلاث..
و صار الحزن لديّ صورته قبــــــــر..و ثلاث وردات ذابلات.. "

حينها لفظت تنهيدة قصيرة من أعماقها..و سقطت دمعة هادئة على خدها
التقطها زوجها بأصابعه ومسحها برفق و كأنه يهون عليها ألمها..وينسيها كل جراحها..

ثم عادت فاتجهت بنظرها نحوه... و أطردت تقول..

_" عدني ألا تأخذها الى هناك..
لا أريدها هي الأخرى أن تمر بما مررت به..
لن أطلب منك ألا تحزن علىّ..فأنا أعلم أنك لن تستطيع..
لكن لا تجعلها هي تعيش أحزانك أنت..فغداً سيصبح لديها ما يكفيها من الأحزان...
و ان سألتك عني..فاخبرها أنى أحبها جداً.. وسأظل بجانبها دوماً..
و عدني أن تتذكر دوماً أن وردة ذابلة لا تميت اثنتان..
انما وردتان نابضتان بالحياة..قادرتان على احياء ذكرى واحدة.."

وخرجت الكلمة من بين صوت بكائه مكتومة مكلومة..
ورد قائلاً في ألم..

_"أعدك.."

وحين سمعتها..ابتسمت ابتسامة واسعة ملأت وجهها..و أعادت بعض النور الذي سرقه المرض الى وجهها الشاحب..
ثم قبضت على يده قبضة شديدة قوية..ساد بعدها ارتخاء وسكون تام..
و هوت يدها من بين راحتيه..
سكنت الجوارح..
وعاد الصمت من جديد..
انما هذه المرة بدون انتظار..وبدون أمل..!


قطع هذا السكون القاتل دقة رقيقة على باب الغرفة..
و اذا بها تدخل..
طفلة صغيرة لم تتعد ست سنوات.. بريئة وديعة وكأنها ملاك..
وقفت بين يديّ أبيها لبرهة..ثم سألته.....

_"أبي...يقولون أن أمى ماتت...
هل ماتت حقا..؟! "

فضمها اليه بشدة.. و أجاب..

_"لا يا حبيبتي...انها فقط وردة ذابلة.." !




رفيـــــــــــق الــــــــدرب...!












سمعت صوتا آت من بعيد..يوقظني من توهاني..
و أفقت..لكني لم أعرف من ناداني..
فكلهن متشابهات..متشحات بالسواد..
اقتربت مني احداهن.. أخذت بيدي..
والكل ينظر اليّ..لماذا ينظرن..؟!
والكل يبكي..لماذا يبكين..؟!
اخذتني..وفتحت باب غرفة ما..
غرفة تبدو مألوفة لي..
لا أعرف...ربما أتخيل..
ووجدتها تهمس بأذني .:--"هيا لتودعيه.."
اودعه؟! اودع من؟! ولماذا؟!
لم افهم شيئا..
ولم احاول ان افهم..فلم اكن اشعر بنفسي..كأن جسدي قطعة من الجليد..
كنت أسير معها فقط..
وتلك النظرة البلهاء تعتلي ملامحي..
ودخلت الغرفة..
وحين دخلتها ..ادركت اني اعرفها..
نعم لقد دخلتها من قبل..
تلك الستائر المخملية..
ذلك الكرسي الخشبي..
وهناك زجاجة عطر وردية..اكاد اشتم رائحتها بأنفي..


التفت حولي..فوجدتها لا زالت تنتظر..
اخذتني من يدي..
واجلستني على كرسي بجانب السرير..
وقالتها مجددا.. "ودعيه "..!!
كانت الكلمات على لساني..: "اودع من..؟!"
لكنها تركتني ورحلت..
وحينها رأيته...
جسد نحيل ممدد على الفراش...نائم في سلام..
لم استطع ان ارى ملامحه جيدا..
فدنوت بمقعدي قليلا...
واستطعت ان اراه..
اني اعرفه...لكني لا استطيع ان اميزه...
انا متاكدة اني اعرفه..
ذلك الشعر الاشيب..
وتلك الابتسامة العذبة على شفتيه...
وهذه الملامح...اعرفها...
حتى الخاتم الفضي في اصبعه...اعرفه..
لكني لا استطيع ان اتذكر..
يا الــــهي..!!
ساقترب اكثر...ربما اتذكر..
جلست بجانبه على الفراش..
وشعرت برغبة قوية في ملامسته...امسكت يده..
ولمستها لم تكن غريبة علىّ..
فلطالما امسكت يدي باعثة فيها القوة والحب...
تلمست شعره الابيض..وتذكرت وانا امرر اصابعي بين خصلاته
انها لم تكن اول مرة افعل فيها هذا..
نظرت لوجهه..فادركت اني لطالما تاملت تلك الملامح...
ولطالما عشقت تلك الابتسامة..
انا على وشك ان اتذكر..لكن شئ ما يمنعني...
تلفت حولي..فرايت صورة له..
قمت من مكاني والتقطتها..
كان لا يزال شابا حينها..يرتدي حلة العرس..
ومن هذه التي تقف بجانبه..؟؟
انها تشبهني...
لا.......
انها....................
وانفلتت الصورة من بين يدي...
وتبعثر زجاجها حولي...وتبعثرت افكاري...
يا الـــــــهي..!
عرفت الآن لم عليّ ان اودعه....
انه زوجي...!!


فكيف نسيته..؟!
هل حقا نسيته..؟!
ام ان الامر كان اكبر من استيعابي..؟!
ام انني فقط كنت اهرب من الواقع..؟!

وقفت ناظرة اليه وانا مشدوهة...شاردة الذهن..
وكل تلك التساؤلات تدور بعقلي..
ولم اشعر بنفسي الا وانا اندفع نحوه..
جلست بجانبه...وانهمرت دموعي كالسيول...
تلمست يداه مجددا...تحسست شعره..
وطبعت فوق جبينه قبلة بشفتاي المرتعشتان من هول الصدمة..
ونظرت لتلك الابتسامة العذبة...
وتذكرت حين كنت اقول له.."هل ستدوم ابتسامتك في وجهي يا ترى؟
حتما سياتي يوم وتعبس في وجهي يا حبيبي..غدا ستهرم وتكثر هموم
الحياة...وتنسى الابتسامة.."
فكان يرد قائلا.."لن انسى الابتسامة...فهي ايضا لا تنساني..
ساظل ابتسم حتى اموت.."

وتردد صدى الكلمة في اذني..
حتى اموت......حتى اموت.......حتى اموت........!
وها قد مت ياحبيبي..
و صدقت..
حتى وانت ميت...ابتسامتك لا تفارقك...

رحلت عني يا ونيس العمر ولا اجد ملجأ الا البكاء...
رافقتني منذ صغري...فكنت اب وصديق وزوج وحبيب...
لم تتركني يوما امضي وحدي..
وعليّ الان ان اتركك تمضي وحدك...

لن استطيع بعد الان ان امسك بيديك حين اشعر بالخوف..
لاني لن اجدهما..
لن استطيع ان ابكي...لاني لن اجد من يمسح دموعي..
عليّ الان ان اكمل طريقي وحدي...لا يرافقني سوى ذكراك...


لا اصدق اني ساستيقظ صباحا ولا اجدك تقف بجانب فراشي تحمل فنجان القهوة... !
لا اصدق اني لن اسرق بعد الان سجائرك واخبئها حتى تمتنع عن التدخين..!
لا اصدق اني لن اغضب منك...لن انظر اليك...لن اضحك على تعليقاتك..!
لا اصدق اني لن ارى العالم مجددا بنظرك...!
عالم الالوان المشرق..الزاهي...
فمنذ اليوم فقدت عيوني...ولن ارى الكون سوى ابيض واسود..!
لن استطيع يا عمري ان ارى العالم كما كنت اراه برفقتك..
فقد كنت حلو ايامي...وها قد ذهبت..
فلن اعيش بعدك الا في انتظار ان ألحق بك...


ووجدت الذكريات تتسارع الى ذهني...
واتذكر كل شئ..
المتشحات بالسواد..هن قريباتي..
هذه غرفتي..وذاك عطري..وتلك صورتي..
و هذا الميت......
هذا الميت..........
رفيق دربي............

دون أن أتــــــــحدث .. !










اليوم سأتحدث...



أراها قادمة... تحتضن كتبها بين ذراعيها...

و تسير والخجل يتساقط بين خطواتها...

و الحمرة تزين خدودها...



تقترب... وكلما اقتربت تزداد دقاتي...

وبعد اصراري على الحديث اليها...

تفر كلماتي...

و أجد العالم يتســـــــع بيني وبينها...

فمن أكــــون أنا لأكون حبيبهــــــا...؟!



لا....لقد أصررت أن أتحدث...

اليوم سأتحدث...





وتقترب...وكلما اقتربت ترددت الكلمات بذهني وجلاً...

و ارتجف كل شطــــر بي شــــوقاً..

أتقدم خطـــوة..و أعود في مقابلها خطــــــــوات...

أبتعــــــد...فتشجعني تلك النظـــــرات...

فــــــأعود حاملاً الكلمات...

و يصيـــح قلبي في فـــــرح... "نعم اليـــــــوم سأتحدث"...



وتقترب...و تمر بجانبي بنفس الخجل...بنفس السحر...

يأخذني عطرها الهــــادئ..

يقتلني هدوؤها الســـــــاحر..

و تلفح وجهي نسمـــات الهواء التي تحمــــل عطرها..

فأغمض عيـــني مستمتعاً بتلك الرائحـــــة التي أحلــــــم بها كل ليلة تملأ حنايــا صدري..

وحين أقرر أن أفتح عينـــــــي لأتحـــــــدث...

لا أجـــــــــد لهــــــــا أثـــــراً....

تكـــــــون قد عبـــــرت طريــــــقي بمسافـــــات...

فــــــأكره عطرها والنســــــمات..

تلك التي جعـــــلتني أتـــــوه في عالم آخــــــــر مغمضاً عينـــي عنهــــا... حتى تغـــــــيب...

أكــــــــره ذلــــــك الرحـــــــيق...



وأعـــــــود كل يــــوم في نفــــــــس الطريـــــق..

مصــــــــراً أن أتحدث..

و يســــــــرقني عطرها مــــــني..

حتى تغيـــب تـــلك الجمـــــيلة عنــــــــي..

دون أن أتحــــــــدث..!

نهـــــــــــــــاية سعيــــــــــــــدة :)












وجدته يقترب مني بابتسامة بريئة أكاد أحسده على براعته في تمثيلها...
يااااااااااه..لم أره منذ سنوات...
تـــرى..ألا زال كما هو..؟!

اقترب مني حتي استطعت أن أتبين ملامحه جيدا...
و حين رأيته ابتسمت..ثم ضحكت..ثم قهقهت بصوت مسموع..و ارتفع صوت قهقهاتي عاليــــا...
حتى تحولت ابتسامته الى تعجب ممزوج بخوف...
بالتأكيد ظنني مجنونة...هذا لأنه غبي..!
لو كان يفهم حقا لعرف أني صرت عاقلة...
كنت أضحك على نفسي...لا عليه...
لأنني كنت عمياء..لم أستطع قبل سنوات أن أرى وجهه المشوه .. انخدعت بوجهه البرئ
وملامحه المنحوتة كتمثال روماني تتجلى فيه روعة الابداع والتصميم..
لم يتسن لي أن أنزع قناعه عنه...وصرت ضحية تلك الابتسامة البريئة الجذابة..الكـــــــاذبة..!!

أخذت أتأمل وجهه في صمت...
ظنني أتأمل ذقنه....لكني كنت أتأمل دماء قلبي السائلة على وجهه المكلوم..
ظنني أتأمل فمه..لكني كنت أتأمل أنياب غرسها في قلبي قبل سنون..
ظنني أتأمل وجنتيه..لكنني ما كنت أتأمل الا آثار أظافر ضحاياه..جروح وخدوش أتمنى من كل قلبي أن
تكون مؤلمة..
ظن أنني أتأمل عينيه..لكني كنت أبث فيهما حقدي وأشبع نهم عيني في اهانتهما بنظرة ازدراء طووووووويلة...
ظن أنني أتأمل رأسه...لكني كنت أتأمل شعر غجري أشعث و قرون تنمو على جانبي جبهة مهانة..

و حين تجمعت لديّ الصورة كلها...
ارتددت للوراء خيفة من ذلك المنظر المخيف..فزعا" من تلك اللوحة الباهتة المرعبة..
و قررت أن أبتعد...
و أشحت بنظري عنه...
لكن قبل أن أبتعد...أدرت ظهري اليه لألقي نظرة أخيـــرة على حلمي القديم..أو على كابوسي المفزع ان صحّ التعبير...
و اذا بي أجد الصورة مختلفة...
و جدت فم كبير متسع ممتلئ بابتسامة بلهاء..
و عيون تملأها بهجة حمقاء..و ألوان زاهية تعكس روحا جبانة..
انها صـــــورة مهـــــــرج..
بلياتـــــــشو...!!

أدرت ظهري له مجددا و أنا أفكر في أنه ربما لم يكن يوما سوى بلياتشو..
لم أستطع أن أتمالك نفسي من الضحك..و أعلم أنه لم يتمالك نفسه من الذهــــــول..من عدم فهمه للموقف..

ربما هذا هو قدرنـــــا....
فبعد عذابي معه..تنتهي القصة بضحكاتي...و بغبائه..
انها حقا نهاية سعيدة..!!

بعــض الجــــــــراح لا تلتـــئم...

**كان يوم مثل كل يوم..حيث استيقظت صباحا..اخذت حماما باردا..
وكالعادة اهملت افطارها..ثم ارتدت ملابسها التي تبدو انيقة رغم خلوها من كل مظاهر الفرح او البهجه... فالوان ملابسها هي الوان حياتها..الوان ترابية باهتة.. لكنها في النهاية الوان... وبعدها نزلت من عقارها الثمين..وركبت سيارتها الصغيرة الأنيقة لتذهب لعملها..
الشئ الوحيد الذي تمنته من الدنيا وأتته.. تمنت أن تكون مديرة لاحدى أقسام الشركات الاستثمارية الكبرى.. واجتهدت حتى حصلت على ما أرادت..رغم صعوبة مطلبها.. لذا..كان عملها أهم وأثمن شئ في حياتها..



**توقفت بسيارتها وهي في طريقها للعمل امام اشارة حمراء تسببت في ايقاف حشد لا بأس به من السيارات..
كان ينطلق من سيارتها صوت العندليب يشدو بأغنيته الجميلة.."رسالة من تحت الماء"..فأخذت تدندن معه متأملة تلك العمارات السكنية التى تتأملها كل يوم تقف فيه امام تلك الاشارة الحمراء..
وفي تلك اللحظة...عندما كانت تلتفت يسارا مستغرقة في تأملها..
اذا بعينها تتعلق بعين أحد ما..
عين كانت تنظر اليهاباهتمام منذ توقفت بسيارتها..
عين بدا فيها تكبر وتعال شديدين..
وحين رأته...توقفت عن التأمل..وعن الغناء..وربما حتى عن التنفس...
فتلك العين تبدو مألوفة لها..وتلك النظرةليست بغريبة عليها..
لم يكن من الصعب عليها ان تتعرف عليه..لم يحتج الامر منها سوى ان تزيل آثار شاحنة السنين من على الصدغين..
وتمسح بعض التجاعيد من على الجبهة..
فتجد وجها عاش معها سنوات طوال دون حتى ان تراه..
فوجه شخص ظالم لا ينمحي من القلب بسهولة..
و لا ينمحي من العين أبد الدهر..



**تحجرت عينها وهي تنظر اليه في سيارته السوداء الفاخرة..بدت عليها دهشة شديدة للوهلة الاولى..
فلم تكن تتوقع ان تراه بعد كل هذه السنوات..
لكن سرعان ما استحالت نظرتها من الدهشةالى الاحتقار..
فوجهه عاد بها لزمن لم ترد العودة اليه..
وأعاد لذهنها ذكريات ظنت انها نسيتها..
تحجرت عينها..وتوقف كل شئ فيها..ربما حتى قلبها..
ولم يوقظها الا نفير السيارات...وصياح السائقين من حولها يدفعونها للتحرك..
فاذا بها تلتفت امامها بوجه يعلوه البؤس..وربما اللامبالاة..بنظرة متعلقة باللاشئ..
وتحركت بتلقائية متناهية..ورحلت..
لكنها لم تعرف كيف رحلت..


**لم تشعر بنفسها الا وهي تجلس في مكتبها على مقعدها الجلدي الفاره..مسندة رأسها الى الخلف..
وعينها مثبتة في الهواء..كأنها تنظر لشئ عجيب...او كأنها لا ترى قط...
لم يوقظها الا نداء سكرتيرتها سائلة اياها:
"سيدتي..هل انت بخير؟..هل أصبت بوعكة؟..هل أستدعي الطبيب؟..هل........"
فقاطعتها وهي تجذب حقيبتها بعنف قائلة:
"أنا في اجازة اليوم.."
واتجهت نحو باب المكتب ..كأنها تهم بفعل شئ جنوني..تاركة السكرتيرة تسألها:
"سيدتي..بم اخبر المدير ان سأل عنك؟..سيدتي......."
لكنها لم تهتم..أو ربما لم تسمع..



**ركبت المصعد..و أخذ وجهه يتراءى أمام عينها كومضات مفزعة..
وكل ومضة بصدمة..برجفة..بخفقة..بقطرة دم من قلب ظن أن جرحه اندمل..
فاذا به ينزف من جديد..
أصابتها تلك الحالة بالضطراب والغضب..فقادت سيارتها بعنف شديد..حتى وصلت شقتها ودخلت..
وأغلقت الباب..وأغلقت معه على صبرها باب..
وهنا فقط..تركت العنان لمشاعرها..فراحت تبكي وتبكي...وتصرخ كاتمة صراخها بوسادتها..صديقتها..
وتعض عليها كما لو كانت طفلة صغيرة لا تتحمل الالم..



**أخذت تبكي لساعات..تبكي لانها تذكرت كل ما حدث منذ البداية...
منذ التقته..منذ التقت فرحة عمرها..و اول حب لها..منذ اعترف لها بحبه..واعترفت له بحبها..
تذكرت يوم قال"أحبك"..ويوم قال "عفوا..مصيرنا الفراق"..
تذكرت يوم ضحت لاجله..ويوم ضحى هو بها..
تذكرت سؤالها"ألم تعد تحبني؟؟.." وتذكرت اجابته..صمته الذي كان أقسى من أي اجابة..
تذكرت كيف بددت ألمه..وأنسته جراحه..
وكيف زاد هوحزنها وألمها وحطم قلبها..وحياتها..
تذكرت تلك النظرة القاسية التي كان ينظرها اليها..وتلك اللامبالاة التي تعامل بها معها..
تذكرت طيبتها..بل سذاجتها..وتذكرت نذالته..واستغلاله لها..
تذكرت ذلك الخنجر الذي غرسه بقلبها يوم علمت انه ارتبط بأخرى..
تذكرت يوم رآها وابتسم..ولسان حاله يقول"لم تكوني سوى لحظة..ولم تصبحي سوى ماض.."
تذكرت معاناتها لسنوات طويلة..وهي تحاول ان تنسى من غدر بها..داعية ربها ان ينتقم لها..وان يطمئن قلبها..
تذكرت كل هذا...وآلمها كل هذا..
كل موقف..كل كلمة..كل نظرة..
تذكرت ما ظنت انها نسيته..تذكرته وكأنه حدث أمس..
كأن الزمن لم يمر..والساعات لم تدق..و الأحوال لم تتغير..



**آلمها كل هذا..لكن أكثر ما آلمها هو أن تراه بعد كل هذه السنوات ينظر اليها نفس النظرة..
وتفعل بها النظرة كل هذا.. ولمــــــــاذا..؟!!..

لماذا تأبى السعادة أن تستمر في حياتها؟..لماذا يخشى الفرح أن يدخل قلبها؟..
لماذا يصر القدر على تعذيبها؟..لماذا تفتح الايام أبواب غلّقت ..وتشعل نارا اطفأها مرور الوقت..
و ذكريات دهستها عجلة الزمان؟..
لقد أعادتها تلك النظرة عشر سنوات للوراء..
منذ تركها..منذ بدأت معاناتها..فحين كانت تحاول استيعاب ماحدث..حدث ما يجعل الحياة كلها بأسهل ما فيها يصعب استيعابها..ماتت أمها..تلك التي كانت كل ما لها..كل عائلتها..
وفوجئت بأعمامها يتخلون عنها..ويقذفون بها الى بعضهم البعض..حتى خطبوها لاحدهم..ليتخلصوا منها..
رغم معارضتها الشديده..خاضت تلك التجربة بقلب ضعيف..انما بعقل يضاهي ألف عقل..
فصبرت على بلائها ختى انزاح عنها..
كانت تصبر حتى تكمل تعليمها الجامعي كي تستطيع البحث عن عمل وتصير مسئولة عن نفسها و بغنى عن كل من حولها..وضعت هذا المخطط برأسها رغم كل ما كان بها..فحتى الحزن على أمها..لم تعطها الدنيا الفرصة لتشعر به..
كانت تبحث عن خلاص لروحها..
وحين اكملت تعليمها..قررت أن تتخلص من زوجها المستقبلي..الذي أوهمته أنها توافق على كل ما يريده من تحكم وانصياع كامل للاوامر..زوجها الذي كان نسخة غير منقحة عن"سي السيد"..
بالطبع..فهو لم يدفع القليل لاعمامها حين اشتراها منهم..اعمامها الذين لم يكتفوا بميراث ابيها..بل باعوها بأرخص ثمن وفي اقرب فرصة..
وبعد جدال..بل قتال طويل..تركته...تركت هما ظل قابعا فوق قلبها لمدة عام كامل..
وقبل ان يعلم اعمامها بما فعلته..كانت قد رحلتبعدما استطاعت ايجاد عملا عن طريق زوج احدى صديقاتها المقربات..
كما وجدت مسكنا رغم ضيقه وفقره الا انها قبلت به..
وانتقلت لمدينة اخرى..ولعالم آخر..



**بالطبع لم يكن العمل الذي وجدته هو العمل الذي تتمناه...صحيح انه كان في شركة اسثمارة ..انما عملها كان مجرد كاتبة..تأخذ راتبا محدودا..وحتى المسكن لم يكن صالحا للعيش الآدمي..
لكنها صبرت..وثابرت حتى استطاعت ان تستعيد ميراثها عن ابيها من اعمامها..وقامت بتحسين حياتها بعض الشئ ببعض المال..اما عن الباقي فقررت ان تدرس به..بدأت تأخذ دورات تدريبية..وتدرس في كليات ومعاهد تنمي مداركها في مجال عملها..حتى حصلت على العديد من الشهادات..وترقت في عملها..فتحسن راتبها ومسكنها..وتحسنت حياتها..
بالطبع لم يكن أيا من هذا سهلا..فقد مر عليها كل يوم وكأنه عام..
لكن كانت فرحتها بكل نجاح تحققه تنسيها كل ألمها ووحدتها..
جعلتها الحياة ذكية..قوية وصلبة رغم أنفها..



**لكن مرور الايام لم ينسها يوما مما مرت به..ولم ينسها ابدا من ظلمها..
وكان من الطبيعي ان تظل ذكراه هو بالذات بداخلها...لانها لم تعش طوال حياتها سعادة كالتي عاشتها معه في بداية حياتها..صحيح انها كانت سعادة وقتية مبنية على الخداع..لكنها لم تنكر يوما انها اسعد ايام حياتها..ولم تنكر ايضا ان سعادتها تلك جعلت تركه لها يعني تدميرها..لهذا كرهته..ولم تسامحه قط..
فكثيرا ما كانت تتساءل بينها وبين نفسها"ماذا كان من الممكن ان يحدث ان لم يتركني؟" والاجابة واضحة بالطبع..
لم تكن ستمر بكل ما مرت به..او على الاقل ببعضه..
لكنها في النهاية تدرك انه قدرها..وأن البلاء ثلاثة أنواع...
اما ان يكون عقابا على شئ مضى..يكفر الله به عن سيئاتنا..وينقذنا من عذابنا بها في الدار الآخرة..وهذا افضل..
واما ان يكون بلاء مقدم يأتينا ما يعوضنا عنه فيما بعد..وحلاوة التعويض والسعادة بعد الحزن لا حلاوة بعدها..
واما ان يكون بلاء المؤمن..الذي يختبر الله صبره بابتلائه..ويجزيه به في دنياه واخرته..
لذا..لم تكن حزينة..فكفاها ان تقول"حسبي الله ونعم الوكيل"..فهي موقنة ان الله لن يترك حقها..كفاها ان تكون مع الله..



**تذكرت كل هذه الاشياء وهي تبكي..
تدافعت كل تلك الافكار والذكريات الى عقلها دفعة واحدة بلا انقطاع..
مرت عليها حياتها كشريط متصل بلا نهاية..
أخذت تبكي حتى أتعبها البكاء..حتى نامت دون ان تدري..
لم يوقظها الا صوت هاتفها الخلوي يرن..
فنهضت..اعتدلت في فراشها..ونظرت في الهاتف بعينيها الداميتين..
فوجدت رقما لا تعرفه..فألقت بالهاتف جانبا غير مهتمة..
لكنه ظل يرن كثيرا حتى قررت ان ترد..
وحالما وضعت الهاتف على اذنها سمعت ضوضاء غريبة..
ثم سمعت احدهم يقول بضعف شديد..:"انا اسف..سامحيني"
فاعتدلت في فراشها مندهشة..فقد بدا الصوت مثل صوته..
لكن صورته وهو ينظر اليها بتعال منذ قليل كانت كفيلة بأن تبعد الفكرة عن عقلها..
فردت قائلة..:"ماذا؟؟..من ؟أنت؟؟!.."
لكن احدا لم يرد...
وسمعت صوت ارتطام قوي..كأنما سقط الهاتف على الارض..
فأخذت تردد..:"الو...الو...."
فاذا بها تسمع صراخا مختلطا بصوت يبدو كأنه صوت سيارة اسعاف...
فأخذت تردد بدهشة ودون ان تدري...:"الو....الو........"
فاذا بصوت احدهم يقول..:"الو.."
فردت عليه.. :"هل انت من كنت تتحدث الىّ الآن؟؟..."
فقال.. :"لا.."
فقالت بتوتر شديد.. :"اريد ان اعرف من هو..وماذا هناك؟؟!..."
فقال.. :"أنا لا اعرفه...لكنه كان يقود سيارة سوداء...و......"
فقاطعته بقولها.. :"ماذا؟؟!.. اعطه الهاتف...أريد أن أتحدث اليه...اريد ان اعرف من هو..وماذا حدث.."
فقال بتردد.. :"لا استطيع...!"
فصاحت.. :"لماذا؟!.. هيا اعطه الهاتف..هيا....."
فكرر مجددا :"لا استطيع..."
وقبل ان تلح عليه مجددا..وجدته يقول..
:"أنا آسف............البقاء لله..!!"




لا لـــــــن أبيــــــع أحـــــــــلامــي ..








أحيانا يطيح بنا الألم لمدى لا نتوقعه...
ويأخذنا بعكس الاتجاه الذي نريد السير فيه..
فان أردنا الخلاص من أمر.. أقحمنا فيه...
وان أردنا تصديق أمر ..أوحى لنا بعكسه..


الألم يجعل كل شئ ممكنا...
بالضبط كما يجعل الحب كل شئ مستحيلا..
وفي كلتا الحالتين..الألم والحب..الامكان والاستحالة..
تكون النتائج مأساوية...
وتصير النفس في حالة فوضى لا يبدو بعدها انتظام..
كارثة لا يبدو منها قيام..
والوقت يمضي..والالم لا زال يطيح بنا..
ونقول اشياء لا نعنيها..ننساق في طرق لا نمشيها..
ونصل لاهداف لم تكن يوما في مرمى بصرنا..
لنجدنا تخلينا عن أسمى احلامنا..
وتضيع الكرامة....يضيع الكبرياء....
ويذوب القلب في دوامات من المشاعر...
ويتوه العقل في لجة عميقة من الفكر...
وتصير النفس ممزقة بين الحق والباطل..
بين الخير والشر..


وانا.....مسكينة انا..
لا انا مع قلبي...ولا مع عقلي...ولا حتى محتارة مع نفسي..!
لقد انزويت بجانب مظلم مخيف...
أراقب فيه الاحداث بلامبالاة متناهية..
أنتظر أن يستطيع أحدهم التفوق على الاخر..
تاركة نفسي بأيدي ثلاثة حمقى..ليقرروا مصيري..
يكرروا اخطائي...ويزيدوا لعناتي..!


مسكينة انا...
لا..لست مسكينة...بل حمقاء..!
فليذهب ثلاثتهم الى الجحيم..
لكني لست ذاهبة معهم..
سأقرر انا...
سأخرج من ظلمتي لأريهم من أكون أنا..
حتى لو كنت سأذهب معهم للجحيم...فليكن هذا قراري انا..
فسحقا لقلبي ولعقلي ولنفسي..
سحقا للألم...سحقا للحب...
أنا لن أسير أبدا في عكس الاتجاه..
لن أكون أبدا الا كما أريد أن أكون...
الا كما يجب أن أكون...
وها انا اعلنها...
لا...لن أبيع أحلامي...

 

كيــــــــف أخلـــــــص منـــــــك ؟!!











أحبك.. ولم أكن أريد أن أحبك..
أنساك..؟! أريد أن أنساك..
لكني لن أنساك..
لا شئ بيدي سوى أن أترك نفسي لك..
ليقودني احساسي اليك..
كورقة شجر خريفية..تحملها الرياح..
لا شئ بيدها سوى أن تترك نفسها تطير بخفة بين أنامل نسمات الهواء..
فتحلق..ثم تحط..
وتحلق مجددا..ثم تحط مجددا..
و ما بين الصعود والهبوط..ينتابها دوار خفيف يفقدها توازنها للحظة..
لكنها تعود و تحلق..ثم تعود و تحط..
هكذا أنا......ورقة شجر خريفية..
وقدري..أن أحمل بين أنامل قدري..لأحلق في سمائك..ثم أحط على أرضك..
و ما بين ارتفاع وانخفاض..أستفيق و أتساءل..:ماذا أنا فاعلة..؟؟!!
لكني سرعان ما أستسلم..لأني أعلم أن لا مفر من حبك..
لا مفر منك..
حاولت مرارا..لكن..لا مفر..
والآن..تمالكت نفسي..جمعت شتاتها..
و أبيت أن أحمل بين أنامل قدري..
قاومت..
أبيت التحليق في سمائك..و أبيت الهبوط على أرضك..
لأجدني في المنتصف..
ما بين ارتفاع وانخفاض..
ينتابني نفس الدوار الخفيف المزعج..
لكن...لم يعد ينتابني للحظة..انه يلازمني دائما..
لاني أبيت ان أصعد الى سمائك.. و أبيت أن أهبط على أرضك..
ظننت أني هكذا أهرب منك.. من قدري..
فوجدت نفسي محتجزة في حيز ما بينهما..
و هو أيضا..حيزك..
هو أيضا ملكك..
لم أعد أستطيع الارتفاع..ولا الانخفاض..
و لم أعد أستطيع البقاء في المنتصف..
تعبت من البقاء في المنتصف..!


فلم يكن هناك سوى حل واحد..
بحثت عن أقرب قدم تسير في الطريق..
و دفعت نفسي بكل قوتي.. حتى صرت تحتها..
و تحطمت...
لم يلحظ أحد أني تحطمت.. ولم يسمع أحد صوت تحطمي..
فأنا مجرد ورقة شجر خريفية..
و تحطمت..



هكذا أنا معك..
ان أردت البقاء..لا أستطيع..
وان أردت الهروب..فاني لا أجيده..
و ان تركتك......تحطمت..
فاخبرني بالله عليك..
كيف أخلص منك..؟؟!!

كيـــــــــلومــتـــرات...!










كم أكره كل تلك الطرق والمسافات...
كم أكره أن يقاس بعدي عنك بالخطوات...
فكيف يكون حبيب العمر..و رفيق الدهر بعيــــــدا كل هذا البعد..؟!!
و هو الذي يسكن بأعماق القلب والنبضات..
لا يهمني كم أبعد عنك...
فسكنايّ بقلبك....وسكناك بقلبي...
أنت أقرب اليّ من كل الناس...ومن نفسي...
لا يهمني كم أبعد عنك...
دعهم يحسبون البعد بالكيلومترات...
فحساباتي تختلف كثيرا..
لن أعبأ بكلماتهم..انها مجرد هذيان...
و لن أهتم بآرائهم..فهي خيوط دخان...
فبعيدا عن كل تلك الحقائق والترهات...
أنا لــــــــك...و أنت لـــــــــي...
نتلاقى في كل الأوقـــــــــــــات...
نتحاب حتى في لحظات البعد وسخط الكلمات...
نختلف..نغضب..نبتعد..و نعود قبل أن تمضي لحظات...
فحبنا عمــــيق مريــــــــح..كعميق التنهيد..و مريح الزفـــرات...
تتحد أرواحنا حتى في مر الانــــــــــات..
و يعيش الحب يعيــــــــش..في كل الحـــــــــالات...
أفبعد كل هذا...يحسبون بعدي عنك بالمسافات..؟!
دعهم يغوصون في حقائقهم..و يعبثون بقراراتهم..و يعيشون غرور الذات..
ففي النهاية..حبنا فوق كل القــــــــــرارات...
أنا لــــــــــك...و أنت لــــــــــي..
رغم أنف الكيلومــــــــــترات..!!

الحـــــــــــــــل الأمثـــــــــــــــــــــــل ..







 انفعل..انفجر..لكن..لا تصمت..
العنّي..اكرهني..لكن..لا تلقي لي بفتات مشاعرك..
اهجرني..ارحل عن أرضي..لكن..لا تبقى وتصير ككل الناس..تمثال..
حدد موقفك..لكن اياك أن تبقى على الحياد..
كن واحدا من اثنين لا ثالث لهما..موجود..أو لا موجود..
فكفاني عذابا بك أيها الغائب الحاضر..
كفاني انتظارا لنصفك الآخر..
مللت حياتي معك..ومللت أنصاف المشاعر..
مللت صمتك البارد القاسي..صمت يقتلني ببطء..كأنه يتلذذ بعذابي..
يسلب مني روحي..يأخذ مني أنفاسي..
مللت اهمالك لي..وكأنك تلقي لي بفتات مشاعرك..
رضيت كثيرا بالفتات..صبرت كثيرا..حتى صار جسدي رفات..
ولم يعد فتاتك يسد جوعي..
ولم تعد كرامتي تحتمل..
فالحب هو الشئ الوحيد الذي يقتل الكبرياء..
فان ذهب الحب..فلا صبر..ولا بقاء..

*مللت وجودك يا رجل لا وجود له..
اشتقت سماع خطاك تدب على أرضي..واشتقت صدرك يمتلئ بهوائي..اشتقت كلامك حتى الساخر منه..حتى الساخط..!
لكن..ذهبت أنت..وذهبت معك أشياؤك..
وذهب معكم..اشتياقي..



فان أردت العودة..فلا تكن تمثال..
ابحث عن كلمات تقال..
وعد كلك..فأنا لا يستهويني أنصاف الرجال..!

وحتى تعود..
 أنا راحلة..
نعم يا عمري..لن أكمل..
ولا ترجوني أن أتمهل..
قد كنت وكان قراري أن أرحل..
ففراقنا..الحل الأمثل..!

نــــكــــــــــــــــــــــــــــــــتة !












غيرتني معك...
جعلتني ضحوكة مرحة... تخليت عن الاقامة في مدينة أحزاني...
و انطلقت نحو عالم لا يشوبه حزن...
ولا تعكره دمعة...
و أدركت معك كم كنت حمقاء...
فقد تركت العالم بكل ما فيه..و اخترت أن أعيش في قبو سحيق ضيق مظلم...
لا يصله بصيص نور..ولا تمسه ذرة أمل...
أبقيت نفسي في مكان لا يسكنه سوى الجرذان...
و سجنت خيالي كي لا ينطلق يوما نحو فرحة..أو يسعى نحو أمان..
و صرت حبيسة قبو من أربعة جدران...
لا صوت..لا حركة..لا ألـــــــوان...

حتى جئت أنت...
سمعت صوتك الساعر المــــــريح...
و ضحكتك التي لها تأثير المخدر في نفسي...
و صار الحزن هشيما تذروه الريـــــح...
و خرجت من قبوي...
أبحث عن صاحب الصوت...
عن صاحب الضحكة التي جعلتني أشعر ولأول مرة..أني أشتاق لأن أضحك...
أني أحتاج لأكثر من بصيص نور...
لأكثر من ذرة أمل...

جئت أنت...
أخرجتني من قبوي اللعين...
نحو العالم الضاحك المثير...
و سحرتني...جعلتني أرى من كل مصيبة مزحة...
و من كل مشكلة دعابة...
و من كل حزن.."نكــــــــتة"...
جعلت المعاناة بنكهة الفكاهة...
و حولت أعمق أحزاني الى أحداث كوميدية ساخرة...
و مزجت كل شئ بالمرح...
حتى جعلت حياتي كلها تضحــــــك...
أســــــاحر أنت...؟!..
أم أنك فقط..حبيبي..؟!

جئت أنت...
و آن الأوان لترحل عني...
و قبل الرحيل..
جلّ ما طلبت مني..ابتسامة...
جملة واحدة قلتها...:
" كلما تتذكريني..ابتسمي.."
و أخبرتك أني حين أذكرك لن أبتسم...بل سأبكي...
لأني حين أذكرك...سأذكر قلبا أخرجني من أحزاني لأفراحه...
لكنه رحــــــل...
فكيف أبتسم..؟!
كيف تطلب مني ألا أبــــكيك يا ذا الوجه الضاحك...؟!

حين أذكرك...سأذكر قلبا أضحكني..و أبكاني...
أعطاني كل كل السعادة...
وبرحيله جعل تلك السعادة مجرد ذكـــــرى...
لا يمكن الرجوع اليها...
و جعل الابتسامة تــــــرف...
لا يمكن الوصول اليه...
فكيف تطلب مني ألا أبــــكيك يا ذا الثغر الباسم..؟!

أعدك ألا أعود لقبوي مجددا...
أعدك أن أضحك دائما...
لكنى حتما لا أعدك أن أبتسم حين أذكرك...
فذاك حزن أعــــــمق من أن أحوله لـ "نكتـــــــة"...!

مصـــــــــــــير كآبتــــــي .. !









تساءلت بيني وبين نفسي..
لم يضيع كل شئ جميل؟؟
لم يتوه حتي الدليل؟؟
ما الذي يحدث؟؟ لم يحاربني كل شئ؟؟
لم يؤلمني كل شئ؟؟!!
فشعرت بالبرد..
تكومت في فراشي..لملمت أصابع قدمي..
وتابعت التفكير.........
لم تذهب الاشياء الجميلة؟؟
و تبقي كل الاشياء الكئيبة المظلمة؟؟
ألم يقولوا أن كل شئ فان؟؟
فلم اذا لا يفنى الحزن؟؟
لم يلازمني؟؟ لم لايرحل عني؟؟
لم لا يتركني ولو للحظة..حتي ألتقط أنفاسي في فرح؟؟!!
فشعرت بالبرد أكثر..و تكومت في فراشي أكثر..
جذبت غطائي..ولففت به جسدي النحيل..
و عدت أتأمل الامر مجددا............
هناك أشياء في هذه الدنيا تجعل للحياة معنى..
كالجمال..الامل..الحب..
فما معنى الحياة بدون الجمال..بدون الامل..بدون الحب؟؟؟
اذا...لم يذهب كل هذا؟؟ لم لا يستمر؟؟
العيب فينا؟؟ أم في الحياة؟؟
لقد أصبح طعم حياتي..كطعم الطعام في نزلة برد..
لا معنى له..ولا لذة فيه..
شعرت بالبرد أكثر و أكثر.. فجذبت غطاء أكثر..
و غطيت حتى رأسي..حتى صرت في الظلام..
وعدت أفكر...............
ماذا يحدث في الدنيا؟؟
ماذا يحدث للناس؟؟
ألم يخلق الله الدنيا لسبب؟؟
ألم يضع في الناس فطرة؟؟
أين الطيبة؟؟ أين الرحمة؟؟
بل..أين الناس؟ أين ذهبوا؟؟!!
ضجرت الفكرة رأسي..فضج الدم بها..
فشعرت بالحر.. وأنحيت الغطاء جانبا..
وعدت أفكر...............
أليس هناك شئ ما اسمه "احساس" ؟؟
نعم.. لقد قرأت عنه في الروايات.. سمعت عنه في المسلسلات والافلام..
لكن ..للاسف..الروايات خيالية..و المسلسلات والافلام مجرد حبر على ورق..وهم يكتبه ذوو الاقلام..ويتقمصه بعض البارعون في فن التمثيل..
فهل يا ترى.. الاحساس كذبة؟؟ خدعة؟؟ وهم؟؟
اذا..فكلنا وهم.....كلنا وهم!!
أحرقت الفكرة أعصابي..فاشتد الحر بي..
فنهضت من فراشي..و ذهبت الى الشرفة..
و من هناك.. رأيت الشارع..رأيت الناس..
منهم الجميل..والقبيح..
الثري.. والفقير..
السعيد.. والتعيس..
رأيت الكثير..
لكني لم أر أحدا أبدا على الحياد..
أخذت أقلب في وجوههم واحدا واحدا..و كأني أعرفهم..
نعم..فهؤلاء هم الناس..
"الناس"..كلمة تتردد كثيرا بل دووووما في الاصداء..
قلبت في وجوههم..لكني لم أر أحدا مثلي .. يتساءل..
حاولت .. لكني لم أجد جوابا..
فقط....وجوه باردة صامتة..حتى لو كانت سعيدة..حتى لو كانت جميلة..
عقول لا تبرق بتفكير.. و وجوه لا تنبض بتعبير..و أفواه لا تنطق..
مخلوقات لا تنطق الا بالصمت الموحش..ولا تثير في الكلمات .. الا اللا تعليق..
وحينها......
شعرت بالوحدة.. فشعرت بالبرد مجددا..
لكن هذه المرة..لم أتكوم في فراشي..
فقط..ذهبت..جلبت موسي حاد من أحد أدراج مكتبي..
و خرجت الي الشرفة مجددا....

ابتسمت.....
وقطعت شراييني...



لا أريــــــــــد ســـــوى الجنـــــــــــــون ..!









ما أحلى أن تأتينا بارقة أمل في ظل ظلام اليأس الدامس...
و هكذا كان حبك لي...
بارقة أمل .. بصيص نور يأتيني من بين أنقاض حياتي..
لقد وجدتك بين حطام الحياة...
وجدتك بين ركام الذكريات...
وجدت حبك كأني وجدت طفل بين أنقاض الحروب...
طفل يلعب ويلهو...والعالم من حوله يتهدم...
هو لا يعي..ولا يريد ان يعي ان العالم من حوله يتهدم...
او ان الدنيا قد تنتهي...
لا ينتبه...بل لا يهتم...
و أحببت فيه عدم اهتمامه....أحببت جنونه واندفاعه...
أحببت حبك...
لكني أحببتك اولا....


هناك حب يمنحنا التعقل....
هناك حب يمنحنا الجنون....
وهناك حب يمنحنا حالة لا نعي فيها ان كنا عقلاء أم مجانين....
و هكذا هو حبك...
أوصلني لحدود لا أعرف ان كانت حدود عقلي...أم حدود جنوني..
حب يثنيني عن كل قراراتي...
فأمام جنونك...لا يسعني الا ان أبتسم...و أقول حسنا...سأعدل عن قراري هذه المرة..
هذه المرة فحسب...
لكن المرة.....تصير مرات....
وابتسامتي...تصير ضحكات....
وسعادة قلبي....تصير فرحة ما بعدها فرحة....
ويزيد الحب...
ويصعب اتخاذ القرار...
ولا يسعني...الا ان ابتسم....
و أستسلم لجنونك الأخاذ...
و أتنازل عن عقلي...لأستمتع بجنون يعطيني سعادة لم يكن ليعطيها لي ألف ألف عقل...

أردت دوما أن أكون عاقلة...
الا معك...لا أريد سوى الجنون....
لا أريد سوى الجنون....!

 

قــــــــــل أحبــــــــــك ..







لم تكن بحياتي الا نسمة عابرة..تبعها حر لافح....
هفوة سريعة..تلاها تصحيح أوضاع....
غفوة خاطفة ..نهتها صحوة ضمير....

كنت لحظة...و كنت انا الاخرى بحياتك غلطة...
كلانا نعلم انه لم يقدر لحبنا الصغير أن يكبر....
لم يقدر لحلمنا الوردي أن يتحقق....

ورغم كل هذا...رغم بعدي وقسوتك...رغم عنادي وكبرياؤك...
رغم بلاهتي وحماقاتك... لا زلت احبك...لا زلت اذكرك...أذكر كل ما يتعلق بك....
و لا زلت أنتظر أن ان أجد ما بين كلماتك كلمة "أحبـــــــــك"..
لا زلت أبحث عن بادرة تفاؤل...عن بصيص نور...عن ذرة حب..
فهل هناك امل..؟ .. هل سأجد خلف حواجز صمتك كلمة تشبع ظمأ قلبي..؟..
هل سأجد خلف أسوار قسوتك حنانا يلملم شتات حبي..؟..
ترى...هل لازلت أسكنك..كما لازلت تسكنني..؟!

أجبني....و لا تدع الفكرة تلو الفكرة تقتلني...والظن خلف الظن يرهقني...
لا تدعني ما بين شك ويقين...
أجبني ولا تدع عقلي ينهرني....انقذني من بحار حزني...
لا تدعني ما بين ذكرى و حنين...
انقذني من عذابي...من الانين...
اغمرني بحبك الذي عشت أشتهيه سنين...
كن دليلي في طريقي الطويل...
كن حقيقة..يا حلما سيظل طوال عمري مستحيل...

قصــــــــة لم تـكتمــــــــــــل..!










أتسألني عن كنه دموعي.. و ماهية حزني..؟!


أوَلا تــــــرى..؟!


أم أن الزمـــــــــان على وجهي جــــــــرى..

فغاصت الأعين في مـــآقيهـــــــا..

و ذابت الابتســـــــامة على شفاهي..

وصــارت التعابير على ملامحى تــــــرف لا أجــــــــده..؟!

أوَلا تـــــــرى..؟!

حزنـــــــــــي عمره ألـــــــــف عام وعــــــام..

ولا زلــــت لا أعلـــــــم كيف أخفــــــيه..

كــــــيف أنهيــــــه..

جرحى ينزف منذ ألــــــــــــف عام وعـــــــام..

ولا زلــــــت أحاول أن أواريــــــــــــــــه..

أن أداويــــــــــه..

و تأتي أنــــــــــت بعد ألـــف عام وعــــــام.. وتسأل عما أعانيـــــــه..؟!

أولا تــــــــــرى..؟!

حزيــــــنة أنـــــــــــا..

و حزنــــــــي صـــــــار سمتى الأولــــــــــــــــــــى..

بيتـــــــــــــــى الأول..

حبــــى الأول..

فكيــــــف بك تسألني عن سمتى..عن بيتي..عن حبي..؟!

عفـــــــــواً..فسؤالــــــك لا اجــــــــابة لـــــه عندي..

فالاجـــــــــابة تتطـــلب التفسير..

و أنا لا أملك لأحزانــــــي تبرير..

فبداخلــــــــــي يعيش نفس تســــاؤلك..

هل ولــــــــدت بهذه الاحـــــــــزان؟

أم أنها أتت مع مرور الايــــــــــــــام؟

اتساءل و أنا كلــــــي يقين..أن في النهاية لا أمــــل..

لن أكون أكثــــــر من قصيدة بلا لحـــــــــــن..

أو قصـــــــــــــة..لم تكتمـــــــــــــــــــــــــــــل..!

رجــــــــل يهـــــــــوى الكبريــــــــــاء ..!




يا لك من رجل تهوى الكبرياء..!!

تتعزز عن البوح باحساسك..

تتخفى في أوج حماسك..

و تظن أن علاج قلبك في الجفاء..

و تظن بأن الحب مرض..قد تجد له شفاء..

يا صاحب القلب الصخري..

دعني أخبرك عن الحب قليلا..

الحب عالم..

ان دخلته فلن تجد للخروج سبيلا..

الحب طريق..

ان بدأته..فأن تنهيه شيئا مستحيلا..

الحب جمال..

لا يراه الا من بحبه يعترف..

لا من يختبئ..أو عند ذكر الحب يرتجف..

أو من يظن أن قوانين الحب معه ستختلف..

فان أردت أن تبوح..

فاجعل ارادتك كما قلبك..من حديد..

و تخل عن كبريائك يا ذا القلب العنيد..

فالحب لا يجتمع مع الكبرياء والعناد..

فليكن حبك..أو فليكن البعاد..

فلتختر بيني وبين كبريائك اللعين..

أو اتركني وحدى أغالب الأنين..

و أعد الأيام والسنين..

في انتظار أن يأتيني رجل..لا يهوى الكبرياء..

انـــــــــــــــي أغـــــــــــــــــــــرق !









الموج الأزرق في عينيك.. يناديني نحو الأعمق..و أنا ما عندي تجربة..في الحب ولا عندي زورق..

اني أتنفس تحت المـــــــاء..اني أغرق أغرق أغرق ..

و هنا يجب أن نعلم.. أن غرق عن غرق يفرق.. !

فهناك غرق يميت.. وهناك غرق يبعث..لذا هناك غرق نكرهه..

وهناك غرق نتمناه..

لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه و يلقاه !!


تصم الآذان ببطء تحت سطوة الماء...

و يغوص الجسد بعمق وعلى استحياء...

و حين يصير الاستسلام لذيذاً.. و الوضع مريح...

تنقلب الدفة.. فيطفو القلب و تثور الاشلاء..

رافعة اصبع الاعتراض على الغرق بكل اباء....

و أطفو مجددا نحو السطح.. و أجدني اتنفس وأستعيد أذني الصماء..

و أعود لنفس الواقع.. نفس العالم.. نفس الحزن.. ونفس الضوضاء !!!


و اتساءل... لم لا يناديني موج أزرق؟

ببساطة... لاني لا أغرق لا أغرق لا أغرق..

ولا أتنفس تحت الماء... !!


فحتى حين تتعمد الغرق... ينقذك البحر بشكل ما...

فتغرق كلك الا أنفك...

يظل طافياً على السطح يتنفس و كأن شيئاً لم يكن..و لن يكون !


و أعود و أغرق في صمت..و يذوب الجسد ويتفتت تحت العمق..

و كأن الماء حرير..يلف أجزائي برفق..

أضم أشلائي و أسير..

مع سير الماء الهادر نحو المجهول..

نحو طريق حكاياه تطول..

نعم أغرق لكني أستمتع.. 

لاأخاف بحر غادر او ليل مفزع..

فمعي رفيق صدره لا يضيق..

يطمئن من كل خوف..يؤمن من كل غدر..

يقبض على يدي بعنف..فأموت غريقة.. 

لكن ليس بمياه البحر..

بل بقبضة يدٍ عنفها حنان..و حنانها مميت.. وموتها عمر.. !


و أعود و أغني..في فرحٍ أحمق..

الموج الأزرق في عينيك.. يناديني نحو الأعمق..

و أنا ما عندي تجربة.. في الحب ولا عندي زورق.. اني أتنفس تحت المــــــاء..

اني أغرق ...

أغرق..

أغرق.

!

غـــمـــــــــــــــــــــــــــــوض ..!









ليتني أستطيع أن أفسر غموضك يوماً..
ليتنى أستطيع أن أفك طلاسمك..
و أجد بداخلك ولو شئ واحد له معنى…له منطق..
فأنت كلك بلا منطق..
أتيت اليّ بلا سبب..ورحلت أيضا بلا سبب..
رحلت في طريق مجهول..بحثاً عن اللاشئ..
فأنت لا تفسير لك..و أفعالك لا تلام عليها.. فهي مثلك بلا تفسير..
أفعالك قضايا..تسجل دوما ضد مجهول..!

حتى عندما أغمض عيني لأفكر بك..
لا يمكنني تذكر وجهك..
فهو اما يكون لوحة عشوائية الخطوط والألوان..
و اما يكون كسطح أملس ناعم بلا معنى..بلا ملمح..

حتى أفكاري عنك..لا تأتي بسهولة..
كسرب حمامات تائه..يبحث عن عنوان..

لا أدري ماذا يمكن أن يعني وجه يأتي في ومضات كلوحة عشوائية الألوان..
أو حتى كسطح بملمس الرخام..
ولم يعد يهمني أن أدري..
فالألوان ان تضاربت..لا يدعى الرسام فنـــــــان..
و كذلك من وجهه بلا ملامح..
لا يدعى انســـــــان..
!

فـــــــــــــــــــــــــرصــــة ؟!!










طوال حياتي وانا ابحث عن فرصة أخلص فيها منه...
فرصة واحدة..

وها قد أتتني الفرصة..
ولن يكتشف أحد...لن يلحظ أحد...لن يعرف أحد...
فماذا أفعل معه؟!
هل اقتله..؟
نعم..سأقتله.. 
لن يستغرق الأمر كثيرا..
أستل سكينا حادا..وأقترب منه بكل بطء...
و أغرس سكيني في قلبه بكل قوتي...
سأطعنه حتى يتمزق قلبه بين يدي...



أوتدري ماذا..؟!
لا...لن أقتله... فأنا لست بقاتلة..!!
سأعذبه فقط..
سأقيده برباط أقوى منه..
و أغلق فمه الذي طالما وسوس اليّ بحلو الكلام..
سأعذبه حتى أوهن جسده الفتيّ الشاحب..

حتى يتخلص من هيئته التي تبدو كهيئة الاشباح..
ويقلع عن تلك النظرة البريئة البلهاء التي تسكن عينيه..
سأعذبه حتى يمل وجودي..ويطلب مني الرحيل بنفسه..



أوتدري ماذا..؟!
لا..لن أعذبه.. فأنا لست بجلاد..!!
سأتركه فقط..
نعم..سأهجره الآن..
بل..سأهجره غدا..فما الداعي للعجلة..؟!
سأهجره ولن أعود اليه..
لن يعرف الطريق لقلبي بعد الآن..
لن أدعه يتسلل الى نفسي أبدا..
فقد مللته..




وجاء الغد...وها أنا أحرك قدمي بتخاذل...راحلة عنه..
ورحلت..



وبعد خمس دقائق لا أكثر..

عدت..


و وجدته بانتظاري..كأنه كان يعلم أني لن أطيل الغياب..
أني حتما سأعود..
ركضت نحوه ...ضممته لصدري بقوووة..
قلت له: "اشتقت اليك.."
قال لي: "ليس مثلما اشتقت انا اليك..لماذا رحلت..؟!"
قلت : "لا تسألني...فها قد عدت.."




أوتسألني لماذا عدت..؟!
لأني لا أستطيع أن أتركه..
لأني أدركت أني سأصير وحيدة بعده..
فمنذ ولدت وهو يصاحبني..يلازمني..
تأتي أشياء و ترحل أشياء..وهو باق..لا يرحل..
فكيف أتركه أنا الآن..؟!


ظننت أني كنت أنتظر فرصة لأخلص منه..
لكني انتظرت طويلا..
و لم أكن أدرك أني خلال هذا الانتظار الطويل اعتدت عليه..
أدمنته...بل أحببته..
و هو أيضا أحبني..فكل الناس تتسارع وتتسابق لتتركه..
أما أنا ..فقد أحببته..
نعم...انه حبيبي...
حبيب الأمس واليوم والغد...




أسمعك تتساءل من هو.......!!
أولا تعرفه....؟!!
انه.......
انه...........
انه الحـــــــــــــــزن..!!